“النصر بين الأمجاد والفراغ”.. حكاية قيادات ضاعت بين الماضي والمستقبل
قادة النصر

عندما يخسر النصر المنافسة على أي لقب، يتوجه جمهوره العريض إلى الرجل الأول في ناديهم، مطالبين بالإجابة، باللوم، والحلول، يبحثون عن التغيير الذي سيعيد الفريق إلى مكانه الطبيعي، ورغم أن هذا المشهد يتكرر في أندية أخرى، إلا أن الصورة داخل النصر تختلف وتزداد تعقيدًا، وبالنسبة للنصراويين، لا يمكن لأي شخص أن يتولى قيادة ناديهم دون أن يكون له تأثير عميق يعكس روح المؤسس عبد الرحمن بن سعود، الرجل الذي شكل هوية النصر ورسم معالمه،هو رمز لا يشبه أحدًا، وكانت شخصيته تنبض بالنبل والإنجازات التي جعلت من النصر نموذجًا فريدًا في عالم الرياضة العربية.

التمسك بالماضي وتحديات الحاضر

لم يتمكن النصراويون حتى الآن من التكيف مع التغيير الذي طرأ في طريقة إدارة الأندية، إنهم متمسكون بالأسلوب القديم الذي ارتبط بنجاحات النادي في الماضي، ويريدون أن يروا فريقهم يحصد البطولات ويعود إلى القمة، لكنهم يريدون أيضًا أن يكون هناك قائد يشبه عبد الرحمن بن سعود، فيصل بن تركي، وسعود آل سويلم، قادة حملوا معهم أساطير من الماضي، وفي نظرهم، لا يكتمل النصر دون وجود قائد أسطوري يعيد للقلوب النصراوية نبضها ويحقق لهم الإنجازات الكبرى.

إبراهيم المهيدب: العودة إلى الرئاسة

دخل إبراهيم المهيدب إلى معترك رئاسة نادي النصر في الوقت الذي كانت فيه الجماهير في انتظار التغيير الملموس، وكان الرجل الشاب المتحمس، ذو الخبرة الواسعة في عالم الأعمال، قد أظهر دعمه الكبير للنادي في الحقبة الماضية، وكان عضواً فاعلاً في نادي النصر خلال فترة فيصل بن تركي، حيث كان يتعاون في جميع الأوقات الصعبة التي مر بها النادي، ويثبت أنه من الأوفياء الذين لا يغادرون السفينة في الأوقات العصيبة.

وفي يونيو 2024، تسلم المهيدب رسمياً رئاسة نادي النصر، وبدأ عمله بشكل جاد وفعال، وكان هدفه الأساسي هو إعادة بناء النصر وصناعته من جديد ليعود إلى منصات التتويج، وقد أكد المهيدب في البداية أنه سيعمل على تصحيح الوضع وتحقيق النصر لطموحات جماهيره.

إبراهيم المهيدب
إبراهيم المهيدب

التحديات والصراع داخل الإدارة

رغم الأمل الذي حمله النصراويون في المهيدب، إلا أن الوضع داخل النادي لم يكن مثاليًا، وتصادم المهيدب مع قوى معارضة داخل النادي، وتدهورت الأمور بشكل سريع، وفي تغريدة له، أعلن المهيدب استقالته، مؤكدًا أن من مصلحة النادي أن يتم إدارته من جهة واحدة، وأوضح أن وجود إدارتين قد يعطل النجاح ويؤثر على دفة الفريق.

ورغم خروجه المفاجئ، حظي المهيدب بتقدير واسع من جمهور النصر، الذي أثنى على شجاعته وقراره الحاسم، إذ تفاعل معه النصراويون بكثافة، معبرين عن دعمهم الكبير له، مما أضفى على رحيله طابعًا بطوليًا.

رحيل المهيدب وعودة الفراغ

وبعد رحيل المهيدب، عادت الأمور إلى ما كانت عليه، ولم يطرأ أي تغيير جذري على النادي، واستمر النصراويون في البحث عن قائد يعيد لهم أمجاد الماضي، وعاد المهيدب إلى دوره الداعم من خارج النادي، بينما ترك فريقه في مواجهة عاصفة من المشاكل، فقد كانت مشاهد دعم المهيدب للنادي، مثل دفع تذاكر المباريات الآسيوية، تذكيرًا بحضور شخص يملك القدرة على التأثير في مسار النادي بطريقة كانت مفقودة.

إبراهيم المهيدب
إبراهيم المهيدب

النصر اليوم: بين الماضي والمستقبل

اليوم، يعيش النصر في حالة من الفراغ القيادي، لا أحد يشبه رموز النصر التاريخية مثل عبد الرحمن بن سعود أو فيصل بن تركي أو حتى المهيدب، ولا يبدو أن هناك من يستطيع تكرار دور المهيدب الفاعل في دعم النادي، و هذه هي الكارثة التي لا يدركها الكثير من النصراويين، وهي تكمن في غياب شخصية قيادية قادرة على التأثير الحقيقي في المستقبل، فالنادي اليوم لا يملك قائدًا يمكنه أن يملأ الفراغ الذي تركه المهيدب، مما يجعل الطريق نحو البطولات والمستقبل المشرق أكثر صعوبة.

ويظل النصر في ذاكرة جماهيره معلقًا بين ماضيه المجيد وطموحاته في المستقبل، في انتظار شخصية قيادية تجمع بين الطموحات والتضحيات لقيادة الفريق نحو المجد.

أقرأ ايضًا

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *